يعود اسم الهند حسب بعض الآراء إلى إله أندرا، ومنهم أعاد الاسم إلى نهر سندو، أما الإمارات الهندية وقت ظهور بوذا نذكر أكبرها:
( أنكا – كاسي – واتشي – جيتي – كورو – اساسكا – كانتارا- مجدا – كوسلا – بانجلا ) وكانت هذه الإمارات إما يقودها ( مهراجاً ) أي ملك الملوك، أو راجا أي الملك، إمارة مجدا في ولاية بيهار هي المدينة الأولى التي تأسست فيها الديانة البوذية، أما مدينة بنارس في إمارة كاسي فيمر بها نهر جنجا المقدس لدى الديانة الهندوسية، وقد ألقى بوذا أول خطبة له في المدينة، لذلك تعتبر من أهم المدن المقدسة لدى الهندوس والبوذيين معاً.
توفي بوذا في مدينة كوسينارا، المعروفة اليوم باسم مدينة كاسي، حيث انقسم المجتمع الهندي قبل بوذا وخاصة عند الهندوس إلى ( البراهمة ) أي طبقة الكهنة و( الكشتريا ) وهم طبقة رجال الدولة والمحاربون و( الويشيا) وهم طبقة المزارعين والتجار و( الشودرا ) أي طبقة العبيد، وهذه الطبقات كلها خُلقت من إله الهندوسي براهمة، فطبقة البراهمة خُلقت من وجه وطبقة الكشتريا خُلقت من ذراعيه وطبقة الويشيا خُلقت من فخذيه وطبقة شودرا من قدميه، ولا يجوز أنْ يتزوجوا من بعضهم أو يغيروا طبقاتهم ولا أنْ يجلسوا على مائدة طعام واحدة.
وُلّد بوذا في إمارة ساكا، في عاصمتها مدينة كابيلافاستو من قبيلة جوتاما الآرية، والده كان من طبقة الكشتريا المحاربين وهو حاكم هذه الإمارة واسمه سودودانا، وأم بوذا هي مايا بنت ملك مدينة ديفاداها، وأنجبا ولدهم سدهارتا المشهور باسم بوذا عام 623 قبل الميلاد، وتقول الأساطير أنّه وُلِد في الحديقة ولدٌ وأمه واقفةٌ ممسكة بغصن شجرة وأنّه مشي سبع خطوات أول ولادته وأنْ أمه رأت حلماً أنْ إله برهما تحوّل لفيلٍ أبيضٍ صغيرٍ ودخل أحشائها فولدت بوذا.
في عمر ست سنوات أرسل بوذا إلى الحكيم ( جورو أوسوماترا ) وتعلّم منه فنون الحرب والقتال والفروسية والفلسفة، قام والد بوذا بتزويجه في عمر 16 سنة، بسبب الحزن الذي أصابه نتيجةً لتأمله هموم الناس، فزوجه من مدينة أخواله بفتاة جميلة هي ( ياسودهرا ) ولكنّه لم يكف عن تأمل آلام الناس والنباتات والحيوانات، أنجبت له زوجته طفل سماه ( راهولا ) أي القيد، ولكنّه قرر التقشف وهجرة والده وزوجته وابنه الرضيع، وبدأ بالتقشف لمدة 29 سنة وخرج معه في رحلته رفيقه ( شانا ) ولم يخبر أحد بخروجه ولم يودع أحد.
وبعد يوم من سيرهم ترجل من حصانه وقص شعره المتموج ونزع لباس الملوك عنه ولبس قماشاً عادياً أصفر وهو لباس الزاهدين وعطاهم لصديقه وأعطاه حصانه وطلب أنْ يرجع بهم إلى القصر ويتركه يكمل مسيره وحده.
وسار كثيراً وتعلم من الكثير من الرهبان إلى أنْ وصل لغابة جميلة اسمها ( اوروفيلا )، فقرر أنْ يبدأ بتقشف حاد. وفي هذه المراحل كان يدعى ( جوتامة ) أي كاهن، حيث يقلل طعامهُ تدريجياً إلى أنْ وصل لأكل حبة أرز واحدة في اليوم والوقوف تحت الشمس طيلة النهار والنوم بين جثث الموتى والاستلقاء فوق الحصة والشوك ونزع ملابسه وتستر فقط بقطعة قماش تخفي عورته.
وصاحبه في ذلك خمس نساك وجدوا فيه الزهد فقروا أنْ يجعلوه معلمهم واستمر ذلك ستة سنوات، فلم يصل لحقيقة الكون ولم يصل لإجابته، فقرر الرجوع لأكله وشربه، عند ذلك تركه النساك الخمسة لأنه كان تقاليد ذلك الوقت أن الناسك عليه بالتقشف عن الطعام.
وفي تلك الغابة وبعد أنْ تركه أصحابه أتاه روح التنوير وبدأ بالإجابة لأجوبته وهناك اتته روح شر مارا ( الشيطان ) ولكن بوذا بقي في تأمله ولم يلتفت له ابداً.
وعندها أصبح بمرتبة بوذا وبدأ بنشر تعاليمه وخطب بين الناس إلى أنْ وصل لعمر 80 سنة ،إلى أنْ توفي في مدينة ( كوسينارا ) عام 543 قبل الميلاد، وتم حرق جثته حسب التعاليم الهندوسية، ووزع رماد جسده على ثماني حصص وزعت على رهبانه الكبار، وضعت كل واحدة في معبد مختلف في الهند.
لدى البوذيين أربع حقائق سامية أعلنها بوذا في خطبته الأولى وهي :
- الألم موجود، فالحياة سلسلة من الألم تبدأ بالولادة وتنتهي بالموت.
- لكل شيءٍ سبب.
- قدرة الإنسان على التخلص من الألم وذلك من خلال التحرر من جميع الرغبات الدنيوية والشهوات.
- طرق التخلص من الألم وهي عن طريق: سلامة الرأي؛ سلامة النية؛ سلامة القول؛ سلامة الفعل؛ سلامة العيش؛ سلامة الفكر؛ سلامة التأمل؛ سلامة الجهد.
والقيود التي تقيد الإنسان حسب بوذا هي عشرة وهي: الوهم الخادع في وجود الذات؛ الشّك في الثالوث البوذي ( بوذا وتعاليمه والرهبان )؛ الاعتقاد بالطقوس السحرية؛ الشهرة؛ الكراهية؛ الرغبة في البقاء المادي؛ الرغبة في البقاء الغير المادي؛ الاعتداد بالبرالذاتي؛ القلق؛ الجهل .
ويحطّم الإنسان هذه القيود بمراحل وكل مرحلة تكسر ثلاث قيود للوصول لكسر القيد الأخير وهو الجهل وهذه مرحلة القديسين، تبنى فلسفة بوذيا على إنكار الذات، فهي شيء غير موجود وإنّما الإنسان .