الحضارة الحورية وتل موزان
المقدمة
الحضارة الحورية كان لها تأثيرها فعال في الحضارات التي عاصرتها والتي تلتها وتأثرت هي بدورها بالحضارات التي عاصرتها كالحضارة المصرية وحضارة بلاد ما بين النهرين في الكثير من مجلات الحياة المختلفة وكان لها التأثير الكبير على الكثير من الحضارات التي تلتها وخاصة الحثية.
اعتبرت الممالك الحورية المنتشرة في منطقة الجزيرة خلال العصر البرونزي من أهم الممالك التي شهدت نموا في الالف الثالث وبداية الالف الثاني ق.م وتشير الاثار هذه الممالك إلى ارتفاع الكثافة السكانية في دويلات الجزيرة فلو نظرنا الى اثار أوركيش (تل موزان) وبحساب مساكن العامة والورش نجد ان عدد سكانها كان من 10 – 20 ألف نسمة .
وفيما يتعلق بانتشار الحوريين في الجزيرة فقد كشفت عن ألواح حثية عام 1920 في عاصمة الحيثين خاتوشا / بوغاز كوي تضمنت إشاارت لشعب في شمال شرق سورية وأصبح العلماء على دراية بوجود الحورين وكانت أوركيش الموقع الوحيد في الالف الثالث ق.م الذي يرتبط بالحورين واكد عليه طبعات الاختام المنقوشة التي وجدت على أرضيات القصر الملكي حيث يالحظ أن أغلب الشخصيات الواردة فيها حملت أسماء حورية مع وجود لنقوش وزخارف اكادية منتشرة بكثرة في اوركيش.
بداية ظهور الحورين
ان بداية ظهور وانتشار الحورين فان الحوريين ظهروا كمجتمع حضري في الجزء الشمالي من الهلال الخصيب في الالف الثالث ق . م في نفس الفترة التي ظهر فيها السومريون في الجنوب والساميين في إبلا (تل مرديخ) في الغرب ولم تظهر أدلة سابقة تؤكد بأن الحورية كانت حضارة قبل الالف الثالث ق.م سوى اشارات بوجودهم كممالك صغيرة في المناطق الجبلية وقد انتشروا منذ أواخر الالف الثالث ق.م وتكد الدراسات بأنهم انحدروا من المناطق الجبلية الشمالية والشرقية وكان موطنهم الاصلي ” اورارتو ” الاقليم الواقع إلى الشمال والشرق من بحيرة وان وأسسوا مملكتهم في شمال بلاد ما بين النهرين والجزيرة في النصف الثاني من الالف الثالث ق . م وهو ما اشار إليه Wilhelm بأن المناطق الواقعة على جانبي المجرى العلوي لنهر دجلة وروافده الشرقية كانت المواطن الاول للحوريين في الشرق القديم كما تبين الدلالت الاثرية في اوركيش بان الحوريين كانوا موجودين في الجبال التي تحد اوركيش من الشمال خلال الف الرابع ق.م
ذكر الحورين في التاريخ
يعد الحوريون من أقدم شعوب الشرق القديم حيث وصفهم أنجناد في كتابه (سوبارتو) بأنهم أقدم التجمعات العرقية وعنصرا حضاريا من المقام الأول منذ العصر الحجري الحديث كما أن سبايزر في كتابه (الأصول الرافدية) سلم بالوجود الأصيل للحوريين.
ظهر مصطلح حوري للمرة الأولى في القرن السادس عشر ق.م في المصادر الحثية وظهر خلال القرن الخامس عشر ق.م في آلالاخ حيث أن أدريمي ملك آلالاخ استخدم تسمية شابي خوري كذلك ورد في النصوص الحورية والأورارتية والحثية بصيغة (خوردي) وتعني الجندي اليقظ إلى جانب ورود العديد من الأسماء الحورية في وثائق ونصوص سومرية وأكادية ونصوص من ناكار (تل براك) ونابادا (تل بيدر) وأشنكم (جاغر بازار) وشخنا (ليلان) كما ورد اسم الحوريين في كتاب العهد القديم بصيغة (حُوريم).
تل موزان / اوركيش
يعتبر تل موزان الذي يبعد عن مدينة قامشلو 20 كم أحد أكبر المواقع الأثرية العائدة لفترة الألف الثالث والثاني ق.م وأولى المدن الحورية التي تشكلت في المناطق السهلية كذلك إحدى أولى المراكز الدينية في شمال ميزوبوتاميا وتكمن أهميته كونه يقع في سهل مروي بشكل جيد ضمن مثلث الخابور
شكل الموقع عبر تاريخه ممرا لمرور القوافل التجارية بين الشمال والجنوب حيث مرتفعات الأناضول وامد الغنية بالمواد الطبيعية الخام كالنحاس وربما القصدير وبين الحضارة المدنية في الجنوب وكانت أوركيش ضمن منطقة عبور التجار الآشوريين إلى كانيش (كبادوكيا) في وسط الأناضول منذ بدايات الألف الثاني ق.م وكان الحوريون يشاركونهم في هذه التجارة حيث يقول أكريمانز وشوارتز 🙁 إن تموضع أوركيش في الحافة الشمالية لسهول الخابور بالقرب من ممر ماردين جعله يتحكم بالطريق الذي يقود إلى مناجم النحاس والحجر والخشب في شرق الأناضول عند مدينة ديار بكر).
مساحة الموقع وأعمال التنقيب
تبلغ مساحة المدينة العليا لأوركيش (تل موزان) حوالي 30 هكتارا وتشكّل مع المدينة المنخفضة المحيطة بها ما بين 130-150 هكتارا.
بدأت أولى عمليات التنقيب في الموقع عام 1934م من قبل البعثة الإنكليزية بإدارة ماكس مالوان ولكن التنقيبات النظامية في الموقع بدأت في عام 1984 من قبل البعثة الأمريكية بإدارة مارلين وجورجيو بوتشيلاتي وفي عام 1995 تم تعرف على هوية المدينة عن طريق العثور على طبعة ختم في القصر الملكي كتب عليها توبكيش حاكم أوركيش.