جغرافيا كوردستان | الجبال – الجزء الأول

جغرافيا كوردستان

جبال كوردستان (الجزء الاول)

مقدمة:

للولوج إلى فهم كيفيَّة تشكُّل الجبال ولا سيما منها جبال كوردستان المعروفة اليوم.. لابد لنا من فهم طبيعة بعض حركات الطبيعة والتي شكَّلت السَّبب الرئيس في الظواهر الطبيعية التي خلقها الله وهي خرائط التضاريس ( الجبال، الهضاب، المسطحات المائية ).

حيث ساهمت الحركات التكتونيَّة أوالصفائح التكتونيَّة أو تكتونيَّات الصَّفائح ‏و هي نظريَّة علميَّة تصف الحركات الكُبرى لغلاف الأرض الصخري ؛ وقد تمَّ اعتماد هذا النموذج النظري على مفهوم نظرية الإنجراف القاري التي طُرحت في العقود الأولى من القرن العشرين، وقبلها مجمَع علوم الأرض بعد طرح مفاهيم تمدُّد قاع البحر في نهاية الخمسينيات وبداية ستينيات القرن العشرين.

هذه الحركات التكتونية بالإضافة إلى حركة الكتل القارِّية خلال مرحلة النشاط الجيولوجي كانتا الَّلبنة الأساس في بناء السَّلاسل الجبليَّة قبل ما يقارب من 10 ملايين سنة وأدَّت إلى تكوين سلاسل جبال زاگروس – طوروس وتراجع الأحواض المائية الكبيرة التي كانت قائمة آنذاك، والتي غطَّت معظم ما يُعرَف اليوم بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا حالياً.

حيث ظهرت حينها سلسلة من السَّلاسل الجبليَّة المقوَّسة والمبنيَّة على شكل جُزر في وسط ذلك الحوض المائي، وانفصال الحوض الكبير جزئياً إلى أحواض أصغر وارتباط بعضها مع البعض الآخر بواسطة قنوات مائية مثلما كان الحال بين البحر الأبيض المتوسط الذي كان مرتبطاً بالخليج عن طريق قناة تمتد تقريباً على امتداد حوض سهل ميزوباتاميا.

رسمت الحركات التكتونيَّة آنئذٍ تضاريس أرضية متنوِّعة من مرتفعات، ومنخفضات، ومن ثم إلى تكوين شبكة من الأنهار البدائية التي تطورت مع التطور الجيولوجي للمنطقة، وعبر التغيرات التي طرأت على المنطقة بفعل الانفجارات البركانية، والنشاط التكتوني والزلزالي ؛ الأمر الذي ادى بدوره إلى تغييرات مناخية جليدية شديدة خلال مرحلة “الكوارتري” حيث بلغت مساحة المنطقة الجليدية آنئذٍ حوالي 70 مليون كم2 ووصل سمك الجليد إلى 3000 متر في المناطق القطبية وإلى ما يقارب من 800 ـ 1000 متر فوق سلاسل جبال القوقاز والى مابين 5- 35مترا من الثلوج فوق سلاسل جبال زاگروس وأدى ذلك إلى انخفاض مستوى مياه البحار والمحيطات إلى حوالي 130 متراً عن مستواه الحالي؛ لذلك تراجع مستوى سواحل الأحواض المائية بشدة، وتحولت الكثير من الأحواض الضحلة إلى مناطق يابسة كما حدث في الخليج الذي تحول إلى منطقة جافة، وكان مصبُّ الأنهار الحالية في الخليج بالقرب من مضيق هرمز؛ حيث أن الحدود الشمالية للخليج والتي قد وصلت إلى هناك أدَّت إلى ذوبان تلك الكميات الهائلة من الثلوج خلال الفترات الجليدية، والفترات مابين الجليدي، مما أدى بدوره إلى فيضانات الأنهار، وإلى تنشيط عمليات التعرية، والتآكل لسطح الارض بشكل عام على امتداد مجاري الشبكات النهرية بشكل خاص مؤديةً إلى تكوين وديان عميقة في المناطق الجبلية وجبال كوردستان خير مثال على ذلك.

ومن جبال كوردستان هذه:

جبل شيخا دار

وهو من أعلى الجبال في العراق يبلغ ارتفاعه( 3611) متراً فوق مستوى سطح البحر ويقع على الحدود العراقية الإيرانية، ويقع بالقرب من قرية “گوندا ژور” في محافظة أربيل عاصمة اقليم كوردستان.

أول من وصل لقمة هذا الجبل كان المستكشف الإنجليزي “گينج فولن” في نوفمبر عام 2004 م

جبل هلكورد

يُعتبر قمَّة جبل هلكورد من أعلى القِمم الجبلية على مستوى العراق حيث يبلغ ارتفاعه 3607 متراً عـن مستوى سطح البحر، يقع جبل هلكورد بين أقضية ونواحي جومانكلالة حاج عمران سيدكان وقرية روستي، تكسو الثلوج قممه على مدار السنة.
أما عند سفحه فنجد أكثر من سبعة أحواض، وبحيرة صغيرة، و تنتشر عند سفحه ينابيع المياه ممـا يمنح تلك السفوح رونقاً متميزاً ويجعلها مرتعاً لشتى أنواع الطيور والزهور النادرة طبيعياً.

هذه المحمية الطبيعية جعلت منطقةً كاملةً تقع بداخلها (ناشنال بارك، هلكورد، سكران) حيث تبلغ مساحة ناشنال بارك 110كلم2 و يمتد من جبل ”سكران ” وصولاً إلى سلسلة جبال “حساروست” حيث يقصده الزوار من معظم مدن كوردستان ومن وسط وجنوب العراق و بلدان مختلفة من العالم، قاصدين وجهتها السياحيَّة ومغامراتها المختلفة من تسلُّق الجبال ، وجمع أعشاب طبية فيما يقصدها الكثيرون للاستجمام والتنزه والترويح عن النفس وقضاء عطلتهم برفقة عوائلهم.

جبل سيلو

أو كما يُعرف ب “جبل جيلو” حيث يقع هذا الجبل في الطرف الشرقي من سلسلة جبال طوروس وبالغرب من جبال أمانوس ويمتد على طول جبال ملاطيا وهو أعلى جبل في منطقة هكاري في باكور كوردستان (تركيا) إذ يبلغ ارتفاعه 4135 متراً ويتميز بتغطية الثلوج له على مدار سنة حيث تكثُر به المغارات الثلجية التي نشأت منذ 3500عام كما يعتبر جبل سيلو واحداً من افضل وجهات العالم للتسلُّق وقد وصفه مختصون أنه كثير الشبه بجبال الألب الَّلاتينية.

يقدِّر العلماء أن الثُّلوج في قمتهِ لم تذُب منذ أربعة آلاف سنة وتحتوي تلك المنطقة على عشرة انهار جليدية وتقع على إرتفاع 3000 متراً عن سطح البحر، كما تكثر فيه البحيرات والتي يتمُّ تشكلها من ذوبان الثلوج هناك، وتبلغ عرض تلك البحيرات من 300 إلى 800 متر وبعمق من 20 إلى 100 متر.

جبل سنجار

الذي يبلغ ارتفاعه نحو 1400 متراً شمال غرب محافظة الموصل في إقليم كوردستان العراق، يبعد عن مدينة الموصل بنحو 145 كيلومتراً وهي منطقة إستراتيجية وجبلية وعرة محاذية للحدود السوريَّة وتحديداً محافظة الحسكة.

بعض الروايات تُرجِع أصل التَّسمية لقصة سفينة سيدنا نوح عليه السلام والطوفان حيث تشير القصة إلى أن السفينة عندما مرَّت بالمنطقة اصطدمت بهذا الجبل ، فقيل هذا [سِنُّ جبلٍ جارَ علينا ] ومنها جاءت تسمية جبل سنجار وهذا رأيٌ ضعيف للغاية لأن قوم سيدنا نوح لم يكن يتكلموا العربية أصلاً.

والرأي الراجح والله أعلم هو أنَّ أصل تسمية سنجار تعود للغة أهل سنجار الكوردية نفسها إذ أنهم أطلقوا على هذا الجبل تسمية “شنكآل” وهي مركبة من كلمتين ” شنك şeng” أي الجميل و” آل al” التي تعني الجهة” ليصبح معناها الحرفي هي ” الجهة الجميلة ŞengAl”.

تتميز منطقة سنجار بالجبل الذي يحمل اسمها، وعُرف جبل شنكال بتواجد مخابئ الطيور الجارحة فيه بكثرة إلى جانب تواجد أماكن مقدسة خاصة بالإيزيديين قاطني هذه المنطقة الذين يفتخرون بالجبل وبطبيعته الخلابة ومصيفه المعروف بكرسى.

يوجد بقضاء سنجار معبد شرميرا بأعلى نقطة في الجبل المذكور، ويحتضن جبل سنجار بين ثنيَّاته مدينة تحمل اسمه تقع على ربوة مرتفعة فى سفح الجبل تعود إلى ما قبل الميلاد يصفها أهل الجبل بأنها الأكثر جمالاً وثراءً فى حضن البادية الغربية حيث تسكنها طائفة الكورد الأيزيدين.

جبل سيبان

يبلغ ارتفاعه 4058م ويحتل جبل سيبان مكانةً مرموقةً في قلوب الكورد لما شهده من ملحمة سيامند وخجي، يقع هذا الجبل في محافظة بدليس ويمتد من منطقة ملاذكرد في ولاية موش وحتى منطقة الجوزة وخلات في بدليس وتقع القمة الكبرى لهذا الجبل عند مدينة خلات على الشاطئ الغربي لبحيرة “وان wan”، المعنى الحرفي لإسم sîpan هو اللون الأبيض الثَّلجي وxelat اسم مدينة تقع عند سفح الجبل وسمِّي الجبل بذلك sîpan xelat حيث تبقى الثلوج تُغطي قمته طوال العام.

المصادر:

  • الهيئة العامة للسياحة في إقليم كوردستان العراق
  • تركيا بالعربي
  • موقع الجزيرة
  • وزارة الثقافة والسياحة التركية
  • مقال الكهوف في كوردستان العراق – الدكتور بيوار خنسي